الصحة النفسية حق، لا وصمة

لماذا يجب أن نستثمر في أمهاتنا وأطفالنا؟

يعتبر يوم 10 أكتوبر اليوم العالمي للصحة النفسية، أي اليوم الذي يُسلط فيه الضوء عالميًا على قضية الصحة النفسية، وانطلاقا من أهمية الحديث عن هذا الموضوع فيهمنا أن نذكّر بأن المعاناة النفسية ليست ضعفًا فرديًا، بل هي في كثير من الأحيان نتاج للإهمال البنيوي. لقد أعلنت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بوضوح أن الرفاه النفسي حق شامل ومتاح للجميع ، وهو حق يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالكرامة وحظر التمييز.

ورغم كل التقدم والحداثة التي نعيشها، إلا أن الأرقام العالمية تؤكد معاناة أكثر من مليار شخص حول العالم من اضطرابات نفسية، أبرزها حالات القلق والاكتئاب. وبأن أكثر من 75% ممن يحتاجون إلى الرعاية لا يسعون للحصول عليها بسبب وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي.

إن وصمة العار هي جدار يعيق التعافي. ولمكافحتها، على الأفراد بمختلف مسمياتهم ومسؤولياتهم وأدوارهم أن يأخذوا بعين الاعتبار الصحة النفسية كجزء طبيعي من الصحة العامة، وأن نحول جميعا التركيز من لوم الفرد إلى توفير الدعم المؤسساتي. فالمعاناة النفسية ليست عارًا، بل هي دعوة صريحة للعمل على تحسين جودة الحياة.

وعليه فإن الإطار الحقوقي يفرض واجبات واضحة على الدول والمجتمع لضمان الحق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة. حيث تشمل حقوق المرضى النفسيين في الأنظمة الصحية المتقدمة ما يلي:

  • الموافقة المستنيرة والتحكم: الحق في الدخول إلى المنشأة العلاجية بشكل اختياري بموافقة خطية، والحق في الخروج متى أردت ذلك (ضد النصح الطبي) ما لم تنطبق شروط الدخول الإلزامي المحددة بدقة.
  • المساءلة: الحق في تقديم التظلمات إلى المجالس المختصة والحصول على إجابة خلال مدة لا تتجاوز 21 يوم عمل.

أما واجبات المجتمع، فتتجاوز العلاج لتشمل الوقاية، فمثلا من حقوق الأطفال حمايتهم من المخاطر والأزمات، و جو المشاكل الأسرية، وإلغاء الممارسات التقليدية السلبية التي تضر بصحتهم، مثل العقاب البدني الذي يقوض نموهم النفسي والعقلي.

ومن الفئات الأكثر عرضة للخطر:

  • الأمهات: تُعد حالات الصحة العقلية في فترة ما حول الولادة (مثل القلق والاكتئاب) هي المضاعفات الأكثر شيوعاً للحمل والولادة، وتؤثر على 1 من كل 5 أمهات. وغالبًا ما تتفاقم هذه الحالات بسبب الشعور بالعجز أو الافتقار إلى الدعم أثناء الولادة.
  • المراهقين والمراهقات: فمثلا تواجه هذه الفئة تزايدًا في مستويات الحزن والتوتر، ناتجًا عن ضغوط جديدة بالنسبة لهم مثل مفهوم الذات وصورة الجسد والتنمر وتحديات البلوغ والانتقال من فترة عمرية إلى أخرى.

لذلك، يجب تضمين الرعاية النفسية في الرعاية الصحية الأولية ، ودعم المدارس لتكون “بيئات واقية وشاملة” لنمو الطفل، وتوفير مساحات آمنة لخدمات الصحة النفسية.

إن الصحة النفسية هي المحور الذي يحدد مستقبل مجتمعاتنا. لنكسر الصمت، ولنطالب بحقوقنا، ولنستثمر في رفاه الجميع.

الصحة النفسية حق أساسي وليست ترفًا..

 

                                                                                                        أ. فاطمة الزهرة رابط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *