ظواهر ومظاهر

منذ زمن ليس ببعيد كانت تطغى ظاهرة الكتابة على الجدران التي تحمل شعارات سياسية أو تعبر عن السخط على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، أو تعبر عن شجن شاب وعن حبه لفتاة، أو تصفية حسابات ونشر فضائح مرشحين أو أعيان.

نفس الظاهرة كانت تؤرق التربويين في المؤسسات التعليمية، حيث أن الطاولات في الأقسام (الصفوف) خاصة في الثانويات كانت بمثابة دفتر إضافي يسجل عليه البعض درسا أو معادلة رياضية، أو يحمل معاني التنمر على الزملاء والأساتذة والإداريين أو إبداعات ورسومات..

هي ظاهرة مزعجة جدا من حيث الإفساد وهدر الممتلكات العامة وحتى المساس بالممتلكات الخاصة، ومن حيث الذوق العام كانت ظاهرة مزعجة للعين ومن مظاهر التلوث البصري.

بشكل عام نلاحظ أن هاته الظواهر في تناقص كبير، حتى الكتابة والرسم على الحائط أصبحت منظمة وممنهجة ونوعا من أنواع الفن التي تحظى بالاهتمام والإشادة. ولعل وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك من أهم أسباب هذا التناقص، فقد كثرت وتعددت أوعية التعبير والترفيه والتي تتيح للشاب فرصة التعبير عما يريد وحتى دون الكشف عن هويته الحقيقية.

وهنا أيضا نسجل ظواهر سلبية أخرى .. كالتعدي على الخصوصيات والتنمر والسب والشتم والإساءة دون حسيب ورقيب إلا في حالات قليلة يتقدم فيها ضحية التشهير ببلاغ للشرطة الالكترونية في بلده لاتخاذ اجراءات عقابية في حق من اعتدى عليه في هاته الوسائط.

تناولنا هذا الموضوع لنذكركم أن ليس كل من يكتب وينشر على الفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل هو شخص عاقل أو ناضج أو يقدم المعلومة الصحيحة.. فأغلب ما نقرؤه وتتم مشاركته وينتشر -بكل أسف- كالنار في الهشيم ما هو إلا شخبطات مراهق أعيَته هرموناته و يريد إثبات نفسه، أو قد يكون شخصا بالغا في سنّه، قاصرا في نضجه، فاتته مغامرات الصبا بسبب القيود المجتمعية فيحاول لا شعوريا استدراكها افتراضيا بعيدا عن أعين (العيب والحرام).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *